مرثية إلى أبي ... في اليوم الأربعين لوفاته

عفراء الحريري

مرت أربعين يوم على وفاتك ياأبي ... ونتحدث عنك ،

 إلا أن الكلمات ...لن توفيك حقك .

وكل عبارات الحزن أن سردتها ، فأنها لن تخفف حزني .

ولا يعادل الدمع ...وأن صار دم 

حجم وجعي بفقدانك . 

ياأبي ...لماذا تركتنا الان ؟ 

فنحن لم نكبر بعد ، كي نواجه قسوة الحياة بدونك .

ولم نتعود بعد ...على غيابك الطويل هذا . 

مضى رمضان ياأبي ...ولم نتسابق أن وأنت من اول يوم ، ككل رمضان على قراءة القرآن ..كي نختمه في أخره .

و جاء العيد ...ومضى بلا فرح 

وبلا أمنيات ...ياأبي .

أبي حبيبي ...

قل لي :" بأنك ستعود ذات يوم ليس ببعيد ، وستكون معنا في كل رمضان ، وفي كل عيد 

وانت العيد ، ياكل اعيادي  " .

ياأبي ...ياأعظم الشرفاء

ماذا عسايّ أن أقول لك:" أنك كغيرك من الشرفاء ، بعد الموت تُذكرون ، وتتوالى عليكم التعازي ، فيتعرون واحد تلو الأخر ، ويظنوا بأنهم حين ترحل انت ، فأنهم يستريحون....

انهم يألمون ياأبي ، ويتألمون .

فغيابك أبكى الثرا والثريا ...

أما هم فمازالوا يتسألون ، ويتسولون من يبكي عليهم ، أو عليهم من سيترحمون .

أيا كلّ موطني ...

أحدثك ياأبي عن مدينة غطى وجناتها الوردية لون السواد ، و كسى الوباء جسدها ، ونخرت الأوساخ والقاذورات عظامها ، و تعطرت بريح المستنقات ، هي هذه المدينة عدن ياأبي ....

عدن المغتصبة ، المستباحة ، عدن المحبوبة التي قتلتك وسرقتك منا ، عدن التي لم يتبقى منها سوى ذكرياتك .

عدن التي شهدتها ولم تعرفها انت قبل عدة أعوام مضت ...

وعزمت على أن تعيد طرحتها البيضاء ، ولم تنتبه بأنها :  

ملطخة بالدم و موسومة بالجرم والإرهاب و العنف ، وببراءتك وعشقك لها ، لم تلحظ أوشامها تلك ، فأهدتك أقبح النفوس لتجعل منهم سلطة عليها وعليك وعلينا . 

هي تلك موطنك التي لم تراعيك كما كنت أنت تراعيها . 

سامحني ...ياآية السماء 

سامحني ...ياوجع الروح 

سامحني ...ياطهر العذراء 

فهذه المدينة ...

لم تكن تستحقك ،

 ولم تعطيك حقك ، 

ولم ترد لك دينك ،

فرحلت أنت ...وبقيت هي 

فرحة بأبنائها العاقين .

فسلام عليك ...حيثما انت 

وسلام لك ...أينما كنت 

وسلام إليك ...إلى حين ستعود .

           إبنتك عفراء الحريري

مقالات الكاتب