كلما أوقدوا للحرب ناراً أطفأها الله

أنور الصوفي

الحرب لا تلد إلا النار، والخراب، والدمار، واليتم، فبها يدك العمران، وتعمر المقابر، فهي دعوة الشيطان، ونسيج الحاقدين، وبنك المتمصلحين، فمنها يأكل، ويقتات شياطين الإنس، وينفخ في لهيبها الشيطان، وما الحرب إلا ما علمتم، وذقتم، فعنوانها التشريد، والجوع، والفقر، والتدمير، وسفك الدماء، وإزهاق الأنفس، أما السلام فمنه يولد الحب، والأمن والاستقرار، ومنه تزهر الحرية، وفي ظلاله ينعم الناس بالحياة الآمنة، والتعليم، فالسلام ينبت من لغة الحوار، والرضا بالآخر، وقبول رأيه، أو إقناعه ببطلانه، ولكن بلغة الحوار، ولم تمر اليمن برئيس يدعو للسلام، ولا يحبذ سفك الدماء كما هو الأمر اليوم مع الرئيس هادي الذي يبحث عن السلام بين ركام الحرب، ويدعو إليه ليعلو صوته على أصوات المدافع، وأزيز الرصاص، وهو الرئيس الذي اكتسب شرعية محلية، وأقليمية، وعالمية لدك كل الخصوم، ولكنه فضَّل طريق السلام، وحقن الدماء.


هادي لديه من الحكمة الشيء الكثير، فهو يعلم أن الدم لا يورث إلا الحقد والانتقام، ويعلم أن الحرب لا تلد إلا الدمار، وأن الصراعات لا ترسم إلا التشظي، والضعف، فلهذا جعل دعوته للسلام هي العليا، لهذا كلما علت أصوات الحرب، سارع هادي لأسكاتها، وكلما حاولوا أن يوقدوا نار الحرب، صب عليها هادي سلاماً، ودعا للحوار، فكلما ظن العالم أن اليمن ستنزلق إلى حرب أهلية، خيب هادي ظنهم، وسار باليمنيين نحو فضاءات السلام، فمعركة الحديدة كانت قوات هادي على وشك حسم المعركة، ولكن تكلفتها كانت ستكون مزيداً من الدماء، ومزيداً من التدمير، لهذا دعا هادي للسلام، لتحقن الدماء، وتقل التكاليف.


لم تمر اليمن بما تمر به اليوم من تآمر عليها من الداخل والخارج، فهذه الأيام كل طرف يفصِّل دروع الحرب، وكل طرف يشحذ سيفه، ويعد خيله، ورجاله، فالجميع لديهم الاستعداد الكامل لتدمير اليمن، ولا يبالون بنهايات هذه الحرب، ففلذات أكبادهم قد سكنوا خارج المحرقة، وهيأوا لهم كل سبل العيش الرغيد، وشعارهم فلتأكل الحرب ما تريد، ولكن حكمة هادي خيبت الظنون في تدمير وطنه، وشعبه، ورجاحة عقل هادي سارت باليمن نحو ثقافة يعلمها هادي لشعبه، وللعالم ألا وهي ثقافة السلام، والحوار، ونبذ العنف، والدعوة لحل كل الخلافات على طاولة الحوار، فهادي يقدم اليوم للعالم محاضرة في كيفية التعامل مع الأزمات المتشعبة، فكلما سلك المتربصون سبيلاً للحرب أغلقه هادي، وفتح لهم باباً للسلام ليسيروا فيه، فما أجمل طريق السلام، وما أبشع طريق الحرب، وما أوعر مسالكها، فليحزم اليمنيون أمتعتهم وليذهبوا لطريق السلام، وليتحرروا من حراب الحرب، ورماحها، فلن تجر عليهم إلا الويلات، والدمار، ومزيداً من الدماء، فهل أنتم راشدون؟

مقالات الكاتب

ليلة القبض على راتبي

  عندما سمعت بأن الراتب قد نزل عند القطيبي خرجت مسرعًا، ووقفت في طابور بعد خمسة أشخاص،  وص...