الشعب العربي.. وعشق العلو في الطيرمانة وأحلى صوت

أنور الصوفي

لكثير من الشعوب العربية لهت كثيراً، وتمرغت في النعيم، وتقلبت فيه، وغاصت حتى أذنيها، لهذا تراها تلهث وراء الملهيات، وسفاسف الأمور، فما أن ينتهوا من سباق لأجمل ناقة حتى يذهبوا لأجمل فرس، يمضون وقتهم في التفحيط بأحدث الموديلات، العالم يتنافس للوصول إلى القمر، ونحن نعيش لأجل عيني الناقة القمر، العالم يتنافس لصناعة السلاح النووي، ونحن نعيش على أنغام أغنية هزلية تثير السخرية، كلماتها: يا البرتقالة، وبرنامج لا يقل عنها عنوانه: أحلى صوت، العالم يبحث عن كهرباء بالطاقة النووية، وبالرياح، ونحن نعكف على مسلسلات تركية لا تنتهي، كلاشنكوف صنع الآلي للدفاع عن النفس، ونحن نقتل به في الأفراح، حقيقةً إنها تراكيب بشرية غريبة، وغير مقنعة.

وبعض الشعوب العربية تعيش الفقر في أحلك صوره، والفوضى في أحقر تقاسيمها، وهي تنام على بحيرات من النعيم، ولكنها تحب الحرب، والنزاع على كرسي السلطة، بينما شعوب لا تملك ما نملكه من الثروات، ولكنهم أكثر حضارة منا، وأفضل نظافة منا، فقمامتنا نرميها بين أزقة بيوتنا، وسلاحنا الذي نبرزه في وجه العدو هو التباهي بالأجداد، وهو ترديد: كان أجدادنا سادة العالم، ولكننا للأسف نركع لحكام أمريكا، وإسرائيل، تنبؤاتنا لم ترقَ لمستوى التطلعات، ولكنها توقفت عند: ستتقاتلون من طاقة إلى طاقة، أما آخر اختراعاتنا، فهو سروال يغني عن سروالين.

كانت نشرات الأخبار تبدأ بالمقاومة في فلسطين، والجولان، واليوم في بلداننا عناوين الأخبار: مقاومة تقتل مقاومة، فبلداننا أضحت مسرحاً للحروب، ورؤساؤنا في السجون، وسيء الحظ منهم قتلوه، وسحلوه، ورقصوا على جثته، لقد تم القضاء عليهم بأيدينا، فضعنا، وأصبحنا هملاً بين شعوب العالم المتحضر.

تقدمنا كثيراً ولكن تقدمنا كان في السهر في الطيرمانة، لنعيش نشوة العلو في الفضاء، والعالم من حولنا يعمل وهو في القطار، أو على كرسي الطائرة، تقدمنا في المماحكات السياسية، وعرقلنا عملية التنمية، حجر الأساس تكلف مبالغ طائلة كفيلة بإقامة مشروع بجانب ذلك المشروع، ولكننا مصرين على تلك الحجر سيئة السمعة.

وفي يمننا الحبيب مشاريع المياه لا تستطيع حمل نفسها لتصل إلى الدور الأرضي، وتحتاج لمساعدتنا لشفطها بالدينمو لتصل، فهذه عدن عاصمة اليمن، مدينة بلا ماء، بينما بقية دول العالم تعيش مدنها على مشاريع مياه تصل إلى أعلى دور في أعلى برج.

الشعوب العربية أما ثرية ثراءً فاحشاً، ولكنها لم تتقدم صناعياً، وصبت ثرواتها في الموائد، والتنافس على العمران، والسفر للسياحة، وبعضها يعيش الكفاف، والعوز بكل تفاصيله، ولم يعجبه ما هو فيه، فزادوا يتقاتلون على مائدة الفقر.، ولقد ضاعت قضيتنا الفلسطينية بين تشابك، واشتباكات جبهاتنا التي نتناحر، ونتقاتل فيها من أجل أن ندمر أوطاننا، فيا أمة ضحكت من جهلها الأمم، فهل تذكرون قضية اسمها قضية فلسطين؟

مقالات الكاتب

ليلة القبض على راتبي

  عندما سمعت بأن الراتب قد نزل عند القطيبي خرجت مسرعًا، ووقفت في طابور بعد خمسة أشخاص،  وص...