هادي لم يصمت، ولكنه يعمل بصمت

هادي مازال صامتاً، ولكنه يعمل، ولكن لا تفقهون عمله، يرتب، ولكنكم لا تعلمون مدى صعوبة ما يرتبه، يكافح، ولكنكم لم تبلغوا معشار ذرة من كفاحه، يحارب، ولكن حربه لا تسفك فيها الدماء، ولكنها تُسقِط هبلاً، وغيره من الأصنام التي كانت تُعبَد في ميادين السياسة.


هادي لم ينطق ببنة شفة للإعلام، ولكنه في ميادين السياسة يتكلم، وعندما يتكلم هادي، يكون كلامه فوق مستوى الجميع، لهذا سترون مشروعه عندما ينضج، ويخرج لكم في قالب دولة يصفق لها الجميع، دولة تنهي كل الصراعات، وتردم كل الفجوات السياسية، وتبني بيت السياسة اليمني الجديد.


هادي مازال صامتاً، ولكن في صمته الحكمة، وفي صمته الموت لعشاق التصريحات، فكلما زادت تصريحات السياسي، كلما كثرت أخطاؤه، وقل قبوله بين الناس، كلما أحب السياسي الظهور خف بريقه، ومله الناس، وترصدته العدسات، لترصد نهايته.


هادي يصمت كثيراً، ولكنه في ظل صمته يتحدث كثيراً مع ساسة العالم ليرسم أحلام شعبه، ليخرجها للعالم في شكل دولة تحترم المواطن، وتوزع خيرات الوطن على كل أفراد الشعب، هذا هو هادي، وسترون دولته تخرج من ثنيات صمته، فلقد مل الشعب التصريحات، والخرط، والكذب، وتمنى المواطن رجلاً يقوده نحو الدولة، فسخَّر الله لشعب الحكمة الرئيس هادي ليخرجهم من عبودية المشيخات، إلى ساحات وفضاءات الحرية، فساوى هادي بين الرؤوس، والرؤوس التي أبت إلا أن تكون هبلاً يُعبد جعلها هادي جذاذاً لا يؤبه بها.


منذ تولى هادي السلطة حارب المناطقية، ورفع شعار المواطنة المتساوية، فأبناء الوطن كلهم عنده كأسنان المشط، لا فرق عنده بين أبيني، ولا صنعاني، ولا بين حضرمي، ولا ضالعي، ولا تعزي أو تهامي، ولا شمالي، أو جنوبي، فالكل عنده سواء كأسنان المشط من صعدة حتى عدن، ومن المهرة حتى باب المندب ولا فرق بينهم إلا وفق ما سنته القوانين، فالحقوق محفوظة لكل يمني، والأعراض مصانة، والدماء محرم سفكها، والثروة يجب أن يتقاسمها الجميع.


لم يصمت هادي كما تظنون، ولكنه يعمل بصمت، وبصمته هذا يخرس الجميع، فعمله بصمت أرهق الخصوم، وحير المحللين، وبحت أصوات المبقبقين في وسائل الإعلام، ولو نطق هادي لصُمت آذان كانت تسمع، وللجمت ألسنة كانت تتحدث، ولا تهجع، فتحية لفخامته، فالصمت في محراب السياسة سياسة، والصمت سلاح الدهاة، وكثيراً ما تصمت الأسود، ولكنها لو زأرت جفلت الضباع، وتفرقت كل الضواري من حولها، فهذا هو الليث اليماني هادي يعمل بصمت، فحيوا معي صمته.

مقالات الكاتب

ليلة القبض على راتبي

  عندما سمعت بأن الراتب قد نزل عند القطيبي خرجت مسرعًا، ووقفت في طابور بعد خمسة أشخاص،  وص...