السقلدي: مَن الذين أقصى الرئيس علي ناصر عام 90م وبعد حرب 94م من المشهد السياسي؟

ما قيلَ عن اشتراط قيادات بالحزب الاشتراكي خروج الرئيس علي ناصر محمد من صنعاء لإتمام إبرام اتفاق الوحدة عام 90م،هي حقيقة لا أحد يمتري فيها أبداً بمن فيهم  قيادات الاشتراكي ذاتها، وتكتمل الحقيقة - اقصد حقيقة إقصاء الرجُــل من واجهة المشهد السياسي – بالإشارة أيضاً إلى ما يلي:

     بعد إقصاء الحزب الاشتراكي غداة انتهاء حرب 94م كانت هناك قوى شمالية بل وجنوبية مارست أقصى درجات الإقصاء إزاء الرئيس ناصر، وأكثر هذه القوى تطرفاً هي تلك القوى والشخصيات الجنوبية التي صعدتْ الى قمة السلطة في صنعاء باسم جنوبيتها نظير مساهمتها بالحرب، حيث كانت ترى بعودة الرئيس علي ناصر تهديدا لمكانتها الحديثة بالسطلة، بحكم خبرته الطويلة بإدارة الدولة وشعبيته التي ظل يتمتع بها الى حد ما.

   حرص الرئيس السابق صالح على عودة ناصر الى صنعاء، حيث كانت مثل هذه العودة أن تمت ستشكل تقزيما لدور ومكانة تلك القوى الجنوبية التي كانت وما تزال تشعر بالدونية والنقص تجاه حجم الرئيس ناصر، مع ضرورة الاشارة هنا إلى أن المساع التي بذلها الرئيس صالح لعدوة ناصر الى صنعاء وعرضه السخي له بشغل مناصب رفيعة منها منصب نائبا له، لم تكن عروضا حباً بناصر أو رغبة في الاستفادة من تجربته ولا حتى من أجل تطييب خاطر الجنوب المنكسر وتجبير عظم الوحدة المتشظي،بل كان لاحتواء الرجل واستخدام اسمه لتزيين حُــكم تلك المرحلة الدامية التي عصفت بمشروع الوحدة فضلاً عن الدمار بالنفوس والبنيان، وللممارسة هوايته المفضلة أقصد الرئيس صالح "دق الحجر الجنوبية باختها"، خصوصا بعد أن دبَّ بالتذمر في نفسه من كثر مطالب تلك القوى ومنّــها المستمر عليه بدورها بالحرب. 

وللتدليل على صحة ما نقوله في حرص تلك القوى على تهميش دور الرئيس ناصر وعدم اقتصار ذلك السلوك على قيادات الاشتراكي، هو أن ناصرا ظل منفيا قسريا عن صنعاء بعد أن اصبحت قيادات الاشتراكي ذاتها بالمنفى، وصار معظمها تقبع في دمشق بالتحديد مقر إقامة ناصر الدائمة. فبعد خروج الاشتراكي ليس فقط من السلطة بل من الوطن برمته كان من المنطقي أن يعود الرئيس ناصر، كون الذي اشترط إخراجه من صنعاء ذات يوم لم يعد يحكمها، وصار هو ذاته منفيا مثله مثل ناصر،وحتى اليوم بعد ربع قرن من تلك الحرب.

ثم أن كان الاشتراكي هو فقط من حرص على إقصاء ناصر من أي دور بعد عام 90م فلماذا يتم استهداف حياته بمؤامرة تصفية عند عودته اليتيمة إلى عدن عام 1996م لولا أن دهائه والمخلصين من رجاله أنجاه منها قبل أن يخرج منها خلسة عبر البحر؟.وبالمناسبة تلك الزيارة  كانت هي الأولى والأخيرة بحسب علمي  بعد 94م، ومن حينها عزفَ عن أية زيارة حين شاهد الموت وجها لوجه ، وعاد الى منفاه ليواصل نقده وسخطه من ذهاب الأوضاع بعد تلك الحرب الى استهداف الجنوب تاريخا وهوية ووطن، وما زلنا نتذكر عبارته الشهير اللاذعة الذي وجهها صوب سلطة 94م النهبوية : (المعشّـــقون في معاشيق).

وهي بالمناسبة ذات القوى القديمة الجديدة التي تستهدفه حتى اللحظة لا لشيء إلّا لأنه لم ينخرط بمشروعها التدميري باسم استعادة الشرعية، ولأنه آثر الاحتفاظ باستقلالية قراره وقناعاته.


 وحين نتحدث عن هكذا محاولة اغتيال فنحن لا نرم الكلام على عواهنه بل  نستقيه من مصادر موثوقة.

كما أننا نورد هذا لتبيان الحقيقة كلها دون اجتزاء أو عسف، ولنفوت في الوقت عينه الفرص التي تستهدف إذكاء نار الفتنة بين الجنوبيين من خلال اجترار الماضي واستدعاء صراعاته الأليمة كلما تقدمت القضية الجنوبية خطوة بمضمارها السياسي، وقطعا لدابر التشهير بتجربة دولة الجنوب التي يسعى البعض الى تصويرها بأنها مرحلة قاتمة تماماً لئلا  يتم إقامتها من جديد.!ّ

*صلاح السقلدي.

مقالات الكاتب

عدن ..مَن أطفأ الشُعلة؟

اليوم مرة أخرى يكرر المجلس الانتقالي الجنوبي مطالبته باعادة تشغيل مصفاة عدن ،ولا جديد في الأمر، حتى...