عن كوادر عدن مرة اخرى..كيف اضحى المهندس النووي بائعا للسندوتشات

في بداية ٢٠٠٥م تعرفت بإحدى مقاهي الانترنت على شاب عدني مثقف وطيب القلب وصاحب صوت فني جميل للغاية يدعى معاذ خان كان معاذ ياتي كل صباح الى هذا المقهى ليسجل الاغاني ويطربنا بصوته الرنان كنت دائما اتجاذب معه اطراف الحديث في احدى المرات سئلته عن مؤهله العلمي وكان رده صادم للغاية قال بان لديه ماجستير علوم فيزياء من جامعة الموصل ولانه بدون عمل مثل باقي ابناء عدن ذهب الى الغناء ليتعيش منه.

قال لي الاشرطة(الكاستات) ليس فيها لقمة عيش ولكن عند حدوث اي حرب عربية ضد اسرائيل الاغاني الثورية تمشي قليلا بالسوق.

لم تقتصر معاناة صديقي على بيع الكاستات وانما في ٢٠١١م قام بعدن بفتح محل ليبيع السندويتشات حتى عام٢٠١٣م كونه لم يكن لديه مصدر رزق ليعيل اسرته فالعمل ليس عيبا اطلاقا ولكن العيب ان تحمل شهادة كبيرة ولاتجد عمل يليق بك.

دارت الايام وتوفق معاذ بسفرة الى كوريا الجنوبية وهناك شرع بدراسة الهندسة والدكتوراة وقبل شهور اخبرني بانه تحصل على ماجيستير في هندسة مفاعلات الطاقة و الدكتوراة في الهندسة النووية فعلا على قد مافرحت حزنت وطلبت منه ان لايعود لعدن قلت له تذكر هذه البلاد لم تحترم خبرتك في الماضي وجعلتك تغني لتعيش الان لن تحترم شهادتك عودتك اليها يعني ذهاب كل وقتك في الدراسة سدى.

اكد لي بانه لن يعود ابدا وسيبحث عن دولة تقبل بان يعيش على اراضيها فمثل معاذ الالاف من العدنيين الذين تم رميهم على قارعة الطريق ليتم استبدالهم بأشخاص لايعرفون شيء عن عدن او عن تاريخها او حتى يوجد لديهم مؤهل ابتدائي لتحكموا بعدن.

لكل كادر عدني تسنح امامه الفرصة بالمغادرة انصحه بان يغادر هذه المدينة كانت للغرباء عمرها ماكانت لاهلها هذه المدينة يتنعم بخيراتها الغريب بينما ابنها يموت جوعا.

صدقوني غادروا وعيشوا حياتكم لمرة واحدة والحياة فرص من يخبركم بان عليكم الانتظار فغدا افضل ابسقوا على وجهه لانه يكذب عليكم ويصوغ  الوهم لكم فغدا اسوء من ما مضى على مستوى كل النواحي فمثلا من اسعار الصرف امس كان الدولار ٥٨٠ ومستقبلا ١٠٠٠ مثلا البنزين كان يوم امس ٦٥٠٠ واليوم ٧٠٠٠ لايضحك عليكم احد بالكلام المعسول وبالوهم فهذه المدينة تمشي نحو الجحيم رويدا رويدا ولن تقوم لها قائمة وطالما والمجرمين والسفاحين واللصوص وتجار المخدرات والخمور يسرحون ويمرحون ويبسطون على كل شيء ماعدا الهواء صدقوني لن تقوم لها قائمة حتى ولو بعد ١٠٠ عام.

صديقي معاذ اشعر بالظلم والغبن الذي لحق بك لكن ثق بان الله لن يضيعك سيبعث بمن يقدرك ويقدر خبرتك وشهادتك فأنت مثال للشاب العدني المثابر الصابر على البلاء.

كتب/ماهر درهم